الخميس، 12 يناير 2017

الفصل الثاني الإطار النظري للدراسة



الفصل الثاني
الإطار النظري للدراسة

المبحث الأول: المفاهيم العامة
المبحث الثاني: النظريات الاجتماعية
















المبحث الأول
المفاهيم العامة
تمهيد:
       يصبو كل علم إلى تحديد مفاهيمه بشكل يتلاءم مع الإطار العام الذي يميزه عن بقية العلوم الأخرى وإن تحديد المفاهيم والمصطلحات العلمية يعد من الأمور المهمة في البحث العلمي ومن الخطوات المنهجية في كل دراسة وكلما كانت واضحة فإنها ستشكل انعكاسا على دقة هذه النظريات والبحوث وإن الغرض من تحديدها هو معرفة أهميتها في توجيه فكر الباحث وبيان دلالتها ومعانيها خلال العبارات والجمل سواء كان ذلك لصاحب الاختصاص أم غيره فهي صمام أمان له لأنها تساعده على تكوين فرضياته وتساؤلاته ودعمها والكشف عن مصداقيتها ومطابقتها لدراسته وهي توفر جهد الباحث فبدلا من شرحه معنى المصطلح كلما ذكره في معرض حديثه يكون قد حدد المقصود منه منذ البداية فالمفاهيم تختلف وتتنوع تبعا للحقول المعرفية التي يتم البحث فيها ومن ناحية أخرى فإنه من خلال هذا التحديد للمفاهيم يكون قد بين ما يعينه تماما وبالإمكان التمييز بين المعاني الأخرى للمفهوم والمعني المستخدم في الدراسة ([1])
       فالمفاهيم هي بناءات منطقية مشتقة من الإحساسات والادراكات والخبرات الواقعية العديدة وهي تصورات مجردة لا تكتسب معناها إلا من خلال إطار نظري أشمل ([2]).
       لم يتفق الكثير من  الباحثين في العلوم الإنسانية على المفاهيم وذلك لاختلاف خلفياتهم العلمية والإيدولوجية ومنطلقاتهم النظرية فضلا عن اختلاف المناهج التي يستخدمونها في التعريف والتحليل والتطبيق، لذا فالباحثة تعتمد على المعاني الدقيقة للمفهوم ثم نستخلص تعريف إجرائيا  له علاقة بأهداف البحث. ([3])


التنمية: "Development "
التنمية في اللغة العربية :" تأتي بمعنى النماء، وتعني الزيادة، ويقال نمى نمواً بمعنى زاد وكثر"([4]) .
تعريف التنمية اصطلاحاً: هي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترة من الزمن في الإنتاج والخدمات نتيجة استخدام الجهود العالمية لتنظيم الأنشطة المشتركة الحكومية والشعبية
   أن التنمية كلمة لها أكثر من مفهوم حيث تثير العديد من التعاريف التي تتعدد بتعدد الزوايا التي ينظر منها إلى الكلمة ذاتها، فالتنمية هي  الانتقال من حال إلى حال أفضل، أو الانتقال المجتمع من وضعه الحالي إلى الافضل- بكل المقاييس وخلال فترة وجيزة زمنية معينة يحددها المجتمع فيها يطلق عليه خطة التنمية ([5]) .
تقصد الباحثة بالتنمية هنا هي التنمية الشاملة (اقتصادياً/ اجتماعياً/ ثقافياً/ سياسياً..الخ) مع ضرورة التركيز على التنمية البشرية أي تحسين نوعية حياة البشر بمعني رفع مستوى العنصر البشري من حيث التعليم والصحة والغذاء وتحسين البنية الأساسية (المياه والصرف الصحي والكهرباء.. وغير ذلك من جوانب تؤثر في تنمية العنصر البشري، حيث اتضح أنه هو العامل الحاسم في عملية التنمية.
  يؤكد محمد الجوهري: أن "التنمية تنطوي على توسع حاسم في كل المجالات القدرات الإنسانية والنشاط الإنساني، أي المجالات الروحية والفكرية والتكنولوجية والاقتصادية والمادية من حيث تحسين مستويات الرعاية الطبية ورفع مستوى الغذاء لعامة الشعب"، وكذلك المجالات الاجتماعية وتعني تنشيط إعداد متزايدة بإستمرار من البشر للمشاركة في مجالات العلاقات الإنسانية لتحقيق أهداف متجددة وأدوار وظائف مستحدثة بإستمرار"([6]).
  ويقول النابعي : "التنمية تعني أن تنطوي على توظيف جهود الكل من أجل صالح الكل، خاصة تلك القطاعات والفئات الاجتماعية التي حرصت في السابق من فرص النمو والتقدم" ([7]).
أي أن يتم شحذ كل الطاقات والقدرات وتوجيهها نحو المصلحة العامة، خاصة تلك القطاعات والفئات المهمشة في المجتمع، وأيضا يقول محمد الجوهري : "التنمية هي عملية نشاط واع ومخطط إلى حد كبير"([8]).
  ديفيد هاريسون عرف التنمية بأنها :" تعني الاعتماد على الذات والتقليل من الاعتماد الثقافي على قوة أو أكثر من القوى العظمى، وبمعنى أخر زيادة إستخدام الوطنية في المدارس، وتخضع لفترات زمنية أطول للبرامج محلياً، أوفي الدول المجاورة وزيادة نسبة الخريجين في حملة الشهادات العليا محلياً"([9]).
    هناك تعريف خرجت به الأمم المتحدة  "United Nations"، تقول فيه بأنها " عبارة عن مجموعة من الوسائل والطرق التي تستخدم بقصد توحيد الأهالي مع السلطات في المجتمعات القومية والمحلية،وإخراج هذه المجتمعات من عزلتها لتشارك إيجابياً في الحياة القومية، ولنساهم في تقدم البلاد ([10]).
      يتضح من هذا التعريف أن عملية التنمية - أي إن كانت صورتها اجتماعية أو اقتصادية يجب أن تعتمد على عنصرين أساسين هما :
       1-       مساهمة الأهالي بأنشطتهم الجماعية والفردية في الجهود التي تبذل لتحسين مستوى معيشتهم بصورة إيجابية
  2-  تقديم الخدمات الفنية والفردية والمادية من الحكومة أو الهيئات الدولية أو الأهلية لتشجيع هذه الجهود وإنجاحها .
    وفي تطور مفهوم التنمية عبر العصور السابقة، تم إدخال مفهوم البيئة في التنمية، وأضافة معنى إستدامة التنمية، أي "إستمرارية عملية التنمية خلال زمن "، وأخذ مصالح الأجيال المتعاقبة في الاعتبار والحفاظ على البيئة .
  والتطور في مفهوم التنمية عبر الزمن من الانتقال من المفهوم التقليدي وهو "الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية" إلى مفهوم المعدل للتنمية وهو " الاستخدام الأمثل للموارد سواء كانت متاحة لدي أو المتاحة لدى الغير "، إلى التنمية البشرية، إلى تنـمية نوعــية الحياة، حيث إنتقل المفهوم أو ضم المفهوم "تحسين نوعية حياة البشر" "Development Human Quality"([11]).
ويعني ذلك التحسين في مختلف نواحي الحياة أي رفع مستوى العنصر البشري في حرية وديمقراطية، ومن ثم فإن هذا التعريف يتضمن من العناصر هي :
           -          الإهتمام بتنمية العنصر البشري .
           -          اتاحة وتوسيع فرص ومجالات الاختيار أمام العنصر البشري .
           -          سيادة الشفافية والحرية والديمقراطية أمام العنصر البشري في المجتمع .
   والمقصود بتنمية العنصر البشري كل ما يتصل بذلك، سواء بطريقة مباشرة كالتعليم والصحة والغذاء أو بطريقة غير مباشرة كالبنية الأساسية (المياه والصرف الصحي..الخ) وغير ذلك من جوانب تؤثر في تنمية العنصر البشري، حيث إتضح أنه هو العامل الحاسم في عملية التنمية.
         والمقصود بتوسيع فرص ومجالات الاختيار، أن هناك جانبين لابد من العمل من خلالها لتحقيق التنمية، الجانب الأول وهو جانب العرض للعنصر البشري أي إعداد المتاح في المجتمع من القوى البشرية "قوة العمل" أعدادا جيدا مناسباً لاحتياجات سوق العمل (من حيث التعليم والتدريب)، أما الجانب الثاني وهو جانب الطلب، ومن خلال اللازم أن نعمل كافة وحدات المجتمع عامة وخاصة في إتاحة المزيد من فرص العمل أمام العنصر البشري .
ونعني بالشفافية والحرية والديمقراطية، أن نجاح العملية الإختيار وضمانها ـ بل كل الجوانب عملية التنمية في المجتمع مرتبطة إلى حد جيد بسيادة الديمقراطية، مثلاً فإن ضمان عدالة فرض الإختيار لا يمكن أن تتم إلا بوجود الشفافية والديمقراطية، وهو تداول السلطة على كافة المستويات.
التنمية البشرية محور التنمية :
    مصطلح التنمية البشرية يؤكد على إن الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبر التنمية البشرية النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرخاء للمجتمع، وما التنمية البشرية إلا عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جهود عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس.
       إن مفهوم التنمية البشرية هو مفهوم مركب من جملة من المعطيات والأوضاع والديناميات. التنمية البشرية هي عملية أو عمليات تحدث نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل والمدخلات المتعددة والمتنوعة من أجل الوصول إلى تحقيق تأثيرات وتشكيلات معينة في حياة الإنسان وفي سياقه المجتمعي وهي حركة متصلة تتواصل عبر الأجيال زمانا وعبر المواقع الجغرافية والبيئية على هذا الكوكب.
       والتنمية البشرية المركبة تستعدي النظر إلى الإنسان هدفا في حد ذاته حين تتضمن كينونه والوفاء بحاجته الإنسانية في النمو والنضج والإعداد للحياة. إن الإنسان هو محرك الحياة في مجتمعه ومنظمها وقائدها ومطورها ومجددها. إن هدف التنمية تعني تنمية الإنسان في مجتمع ما بكل أبعاده الاقتصادية والسياسية وطبقاته الاجتماعية، واتجاهاته الفكرية والعلمية والثقافية. ([12])
       تعرف التنمية بأنها مكنة إحداث التراكم في القطاعات المختلفة والتأثير في سلوك الفرد والمجتمع وهدفها خدمة الجميع، ولابد لهذا المجتمع من أن يتقبلها ويساهم فيها وهذه هي غاية الإعلام الكبرى، وإن التنمية تهدف أساسا إلى إنضاج وتهيئة الأساس المادي للتطور وبالتالي تحتاج إلى معارف وأفكار تنسجم مع المستوى الجديد للتطور الاجتماعي ، والإعلام وحده كفيل بالتعبير عن هذا المضمون ([13]).
علاقة مفهوم التنمية ببعض المفاهيم الأخرى :
التنمية والنمو :
يرتبط مفهوم النموبمفهوم التنمية ربما يتداخل معها ، لذا فمن الضروري أن يوضح الفروق العلمية بينهما،فمهوم النمو يشير الي الزيادة الثابتة التي تحدث في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والحضارية للحياة الانسانية ، كما أنه عملية تلقائية تحدث دون تدخل من جانب الانسان فهو يحدث وفقاً لطبيعة الاشياء (3)
وقد إرتبط مفهوم النمو عاداً بالنمو الاقتصادي فكما يرى جوزيف شومبيتر بأن النمو الاقتصادي يشير الي إرتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي خلال الدورة الاقتصادية للموارد المتاحة ، فالنمو إذا حسب هذا التعريف هو نمو في حجم الانتاج الكلي الخام .
والذي يشير الى مجموع السلع والخدمات التي تم الحصول عليها خلال فترة زمنية محددة ، ولذلك فالنمو ينطوي فقط علي زيادة في الانتاج سواء أكانت بشكل جماعي أو تتناسب مع عدد السكان وحجمه . وعليه فالنمو هو مفهوم كمي .أن التنمية في الدول النامية في حاجة الي دفعة قوية وسريعة في كافة بناءاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حتى ينتقى منها ما يواكب الاوضاع المعاصرة والاقتصادية.(2)
الفرق بين التنميةوالنمو : إذن هو فرق نسبي بين حجم التغيرات الوظيفية والبنائية في كل منهما (3) ، فالتنمية : تتطلب إحداث تغيرات وظيفية Functional Change"" هائلة تمكن الكائن الحي من البقاء في مواجهة تحديات البيئة، وتزوده بالطاقات الوظيفية التي يمكن أن يستغلها في إخضاع كثير من متغيرات البيئة لتصرفاته.
     أما النمو : فيختلف عن ذلك في أن التغيرات الوظيفية التي تحدث فيه ضئيلة، إذا ما قورنت بمثليتها التي تحدث في عملية التنمية، أما التغيرات البنائية "Structural Changes"، فهي عملية فخمة نسبياً بمقارنتها بعملية التنمية(4).
التنمية والتطور : يقصد بالتطور ذلك التغير التدريجي العادي ـ ويدل التطور على طريقة التي بها تتغير الأشياء من حال إلى حال ببطء ودعة، ويأخذ في ذلك فترات ومدد طويلة، ويذهب بعض العلماء إلى أن صور التطور ترتبط بالظواهر الاجتماعية، والكونية، والعضوية الموجــودة(5).
          -         فهناك مثلاً التطور الكوني "Cosmic" وهو يدل على تطور العالم والأجرام السماوية من النشوء إلى الإرتقاء، ثم الفناء .
   -   وهناك التطور العضوي "Orgace"  ويسمى عند بعض العلماء بإسم النمو في الكائن الحي، الذي يأخذ دورة في تطوره تبدأ منذ تكوين الخلية الأولى، ثم الجنين، فالنضوج، ثم الوفاة.
   -   وكذلك هناك التطور العقلي "Intellectual" وما يصحبه من نمو وإرتقاء "في التفكير والشعور والإدراك" ثم نضوج، وإضمحلال وفناء، ويعتمد ذلك على قدرات البشر الذهنية والعقلية.
    إن مفهوم التطور يعتمد أساساً على التصور الذي يفترض أن كل المجتمعات تمر خلال مراحل محددة ثابتة، في مسلك يندرج من أبسط الأشكال، إلى أعقدها، بالإضافة إلى ذلك فإن هذا المفهوم  يمتد ليشمل عملية "التغير التدريجي" التي تقع في كل المجتمعات، وذلك مثل التطور الذي يصيب منظمات التغيير في المجتمع، أو أدوار الأفراد التي يعاد تحديدها([14]).
ومن الخطأ أن يعتبر أن مفهوم التطور يتضمن ضرورة وحتمية مرور كل المجتمعات من خلال نفس المراحل، وأيضاً على أنه عملية من عمليات التغير الاجتماعي، وإذا كانت هناك مماثلة بين نمو الكائن الحي، والمجتمع الإنساني "كما إتضح في مفهوم النمو"، ان التغيرات البنائية في عملية النمو ـ ضخمة للغاية سواء كانت في الكائن الحي أو المجتمع، في حيث أن حجم التغيرات الوظيفية في عملية التنمية كبيراً بمقارنته بالتغيرات البنائية في تلك العملية، أن التغيرات البنائية والوظيفية في عملية التطور تكاد تسير في خط متوازن([15]) .
التنمية وخدمة المجتمع : التنمية هي العملية التي بمقتضاها تتوحد جهود الدولة والأهالي لإحداث تغير اجتماعي مقصود، والتي تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة وفقاً للأسس والقواعد العلمية، بحيث تحدث هذه التنمية بشكل شامل ومتوازن ومتكامل لكافة جوانب الحياة وأما خدمة المجتمع فهي مهنة تطبيقية تعمل على مساعدة الأفراد والجماعات على حل مشكلاتهم الاجتماعية في إطار مباشر للعمل مع المجتمع بمستوياته المختلفة أفراداً - جماعة ومجتمع([16]) .
التحديات:
يشير المفهوم اللغوي لمصطلح تحدياتبأنه الشيء الذي يقف في الطريق او يعترضه، كما يحدد المصطلح التحديات بأنها العراقيل التي تعترض الطريق وتمنع الفعل أو الحركة أو النجاح([17]).
اما بالنسبة للمفهوم اللغوي للتحديات فان هناك ثلاث آراء هي :
          -         الرأي الأول: يحدد التحديات باعتبارها المشكلات وهي الشيء الضار وظيفياً وبنائياً، وتقف حائلاً امام إشباع الاحتياجات الإنسانية الأساسية .
   -   الرأي الثاني : يرى ان التحديات أقل تعقيداً من المشكلات ولذا فهو يعتبرها صعوبات Difficulties أو عوائق Barriers  تقف أمام العمل .
   -   الرأي الثالث: ينظر إلى التحديات إلى أنها أكثر تعقيداً  من المشكلات ويحددها بأنها التحديات challenges  أو المشكلات المزعجة plaguing  problems  وبناءاً على أهداف هذا البحث فيمكن تعريف مصطلح التحديات تعريفاً إجرائيا على النحو التي :
( يقصد بمصطلح تحديات بأنها العراقيل والصعوبات التي تحول دون تحقيق الهدف والتي تعترض العمل التنموي دون تحقيق تقدمه كما ينبغي، فهي بالتالي تحول الإمكانيات المادية بالنهوض بالمجتمع الريفي )([18]) .
التحديات الاجتماعية:
 اقصد بها القيم والعادات والتقاليد السالبة في الإطار المرجعي للسلوك الفردي الدافع للسلوك الجمعي، فأنه إذا كانت القيم الاجتماعية جامدة ومتخلفة واجهت عمليات التنمية صعوبات مختلفة([19])
 ومن القيم التي تعوق التنمية ما يلي :
- الانعزالية والتواكل على الغير
- تحقير العمل اليدوي وغيره
اما العادات السالبة التي تشيع التفكك والتنافر والتخلف وما يليها من عوامل سلبية تعوق نهوض المجتمع وتضعف انظمته الاجتماعية مثل التداوي بالسحر والزار واحتقار العمل اليدوي([20])
المجتمع المحــلي:
 يتكون من عناصر محدده هي ([21]):
1-  الموقع أو المكان: وهو المساحة أو البقعة التي يحتلها المجتمع المحلي داخل المجتمع الكبير، يشتمل على المرافق والخدمات التي تشبع الاحتياجات الأساسية لأفراده دون مشقة كبيرة في الوصول إليها
2-  التباين الاجتماعي : ويعني اختلاف الأفراد الذين يكونون المجتمع المحلي عن بعضهم البعض في السن والنوع والمهنة والتعليم والحالة الزواجية، على ان هذه الاختلافات لا تؤدي في مجملها إلى تكوين طبقات اجتماعية
3-  السكان : ويقصد بهم نمط العلاقات الاجتماعية والتي تنشأ بين السكان في إقليم معين نتيجة تواجدهم ولعبهم أدوار معينه .
4-  معايير السلوك: تشترك جماعة السكان الذين يقطنون إقليماً معيناً في معتقدات واحدة أو متماثلة، وتبدو هذه المعتقدات ذات طبيعة مزدوجة، فبينما يعترض النسق الأول منها إلى الأهداف التي ارتضاها المجتمع لأفراده ويحثهم إلى السعي تحقيقها، ويختص النسق الثاني بتحديد قواعد  السلوك التي لا بد من مراعاتها في الوصول إلى هذه الأهداف.
يشير مفهوم المجتمع المحلي عند "تونيز وماكيفر" إلى انه مجموعة من السكان يعيشون في بقعة جغرافية محددة من الأرض ولهم بعض العادات والتقاليد والمعتقدات التي تحدد العلاقة التي تربط بينهم، كما انهم يشتركون معاً في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ويكونون فيما بينهم علاقات متعددة ويشعرون بالإنتماء لهذا المجتمع . (1)
وهـــو أيضاً يدل عادة على حالة أو موقف يجد فيه الإنسان نفسه مرتبط وبشدة بنسيج من العلاقات الاجتماعية المباشرة، ويظهر مفهوم المجتمع المحلي بصورة واضحة عند مقابلته بالمجتمع الكبير، الذي تنعدم فيه مثل هذه الروابط والصلات الحميمية، لذلك فقد أشار علماء الاجتماع، وشاركهم في ذلك علماء النفس إلى أن أهم ما يجب الاهتمام به في العصر الحديث هو الحاجة إلى المجتمع المحلي، ذلك أن المجتمع الحديث تسيطر عليه الفردية والتنافس، وعدم الشعور بالأمان على عكس المجتمع المحلي الذي توجد فيه روح الجماعة والأمان النفسي والاجتماعي .
ومن اشهر التعريفات التي ذكرت في تعريف المجتمع المحلي ذلك الذي قال له " ماكيفر وبيج" حيث عرفها المجتمع المحلي على أنه " أي جماعة صغيرة أو كبيرة يعيش أعضائها معاً بطريقة مشتركة، يترتب عليه ممارسة ظروف حياتية مشتركة، ويشير "لندبرج" إلى مايفيد بأن المجتمع المحلي هو "جماعة عامة من الأفراد الذين يعيشون سوياً في علاقة مباشرة .
وإستناداً على هذه الصفات فقد أعتبر المجتمع المحلي هو الوحدة الأساسية لبرامج التنمية المحلية، حيث ترتفع او ربما تتوافر فرص المشاركة الشعبية في التخطيط والتنفيذ لهذا البرامج هو من اهم مبادئ منهج تنمية المجتمع.(2)
تنمية المجتمع المحلي : اذ تعني تحقيق النمو في المجتمعات الصغيرة المحلية بالاعتماد على المشاركة الشعبية في تحقيق هذا النمو وفق خطة مرسومة ومدروسة لإشباع حاجات ذلك المجتمع بناءاً على إمكانياته المتاحة المادية والبشرية ([22])
التفرقة بين المفاهيم المتشابهة
أ/ تنمية المجتمع : ([23])هو عبارة عن عملية رسم الأهداف الشاملة وفق الموارد المتاحة له مادياً وبشرية، بغية لوصول إلى حجم معين من التغيرات البنائية الوظيفية، يكون له أثر في وصول المجتمع إلى قدر معين من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية .
ب/ تنمية المجتمع المحلي : يستخدم هذا المفهوم في ميادين النشاط المختلفة بإعتباره منهجاً تطبيقياً في قياس الأنماط المحددة للتنظيم الاجتماعي  "Social Organization" القائم، فمثلاً يستخدم ذلك المنهج "المتصل بتنمية المجتمع المحلي" في الوصول إلى الرفاهية الاجتماعية عن طريقة العمل في المجالات الاجتماعية التي تنمي ذلك المجتمع المصغر مثل مجالات : "التعليم، والصحة، والترفيه ...الخ ".
مفهوم تنمية المجتمع المحلي يتضمن مقومات رئيسية هي :
 - إدخال مجموعة من التحسينات الفيزيقية على البيئة المحلية : مثل الشوارع الممهدة  والمساكن والمياه الصالحة للشرب والمجاري ...الخ .
 - الإهتمام بالأنشطة الوظيفية التي يمكن أن نشارك في عملية تنمية المجتمع المحلي مثل الصحة والتعليم والترفيه ....الخ .
  -    العناية التي لابد وأن توجه إلى تكوين جماعات تناقش وتدرس عمليات التنمية المجتمع المحلي، بل وشارك فيها .
عملية تنمية المجتمع المحلي  "مراحل إحداثها" أنها عملية دراسة تجريبية لأحوال ذلك المجتمع، وتسهم تلك الدراسة في التعرف على جوانب المجتمع المحلي ومشكلاته، وحجم إمكانياته التي يمكن تسخيرها في علاج هذه المشكلات، ويضع كارل تايلور "Carl Taylor" خمس خطوات لهذه العملية تتضح في الآتي :(1)
  -    المناقشة المنظمة والعلمية للحاجات المشتركة بالنسبة للمجتمع المحلي يقوم بها أعضاء في نفس ذلك المجتمع .
  -    التخطيط المنظم "Systematic Planning"  وذلك لتنفيذ ما ثم مناقشة في الخطوة الأولى .
  -    التعبئة الكاملة والاستخدام الأمثل لكل العلاقات الفيزيقية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المحلي .
 - محاولة تحقيق أكبر قدر من التحسينات المدخلة على المجتمع المحلي مع مراعاة تأثيراتها عند إدخال تلك التحسينات .
 - محاولة تغذية المشروعات بعضها ببعض، بمعنى انه إذا حقق أحد البرامج نجاحاً فإن عائد ذلك النجاح - إقتصادياً  أم كان اجتماعيا ً - ينبغي أن يستعمل في النهوض ببرامج مجتمعية أخرى .
وهناك عناصر أساسية لعملية تنمية المجتمع المحلي تتلخص([24]) :
  1-  يجب أن نتوافق الأنشطة المبذولة في المجتمع مع الحاجات الأساسية له بحيث تكون الأولوية للمشروعات التي تهم الأفراد في حياتهم مباشرة .
  2-  أن تنمية المجتمع المحلي تهدف إلى زيادة فعالية أفراده في المشاركة الايجابية في البرامج الانمائية لمجتمعهم .
  3-  إن النهوض بمشروعات المجتمع المحلي ذاتية التمويل والادارة، ينبغي أن تقوم الحكومة بتشجيع هذه المشروعات مادياً وأدبياً.
  4-  إن الموارد التنظيمات الحكومية، والتطوعية يجب أن تستخدم إستخداماً كاملاً وأمثل في وضع برامج تنمية المجتمع المحلي .
       5-       يجب أن يسير التقدم الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المحلي في خط متوازي مع المجال القومي الواسع .
استخدمت الباحثة للمفهوم : المجتمع المحلي الذي يتناوله هذا البحث يتضمن جماعة من السكان الذين يعيشون في رقعة جغرافية معينة هي (دلقو) – المحس – بولاية الشمالية والذين يرتبطون بعضهم ببعض بروابط اجتماعية قائمة على علاقة اولية، ويمارسون أنشطة مختلفة لإشباع حاجاتهم الاجتماعية، ويتعاونون مع بعضهم البعض لعلاج المشكلات التي تحدث في المجتمع
 الأسس النظرية لدراسة المجتمع المحلي:
 تعد قضية تنمية المجمع المحلي من أكثر القضايا غموضا وخلافا بين علماء الفكر الاجتماعي، وقد يرجع ذلك إلى حداثة ودراسة هذه القضية في الفكر السوسيولوجي والخدمة الاجتماعية من ناحية والى اختلاف المنطلقات الفكرية والإيديولوجية التي تتناولها بالدراسة من ناحية أخرى وينعكس هذا الخلاف على تصور الباحثين لمفهوم ومبادئ ومقومات وعمليات تنمية المجتمع المحلي. لما كان وضوح الإطار التصوري أساسا جهوريا لوضع برامج إنمائية تتسم بالوضوح وبالفعالية وجب طرح التعريفات للفكر الاجتماعي حول الموضوع والخطوات التي تتم بها عملية تنمية المجتمعات المحلية الاستراتيجيات باعتبارها الفعالة لتطبيقها. ([25])
1/ التعريف بتنمية المجتمع المحلي:
       ظهر المفهوم لأول مرة في إطار الأمم المتحدة عام 1950، وتعددت المحاولات لتحديد المفهوم وكان أولها تلك التي صدرت عن مؤتمرات وهيئات دولية، وكانت الخطة الخمسية الأولى في الهند قد لفتت أنظار العديدين على المستوى الدولي وزيادة عدد الدول النامية التي حصلت على استقلالها السياسي، بعد معاناتها ردحا طويلا من ميراث التخلف، ورواسب المرحلة الاستعمارية. وقد خصصت دائرة الشئون الاجتماعية بالأمم المتحدة قسم يهتم بأمور تنظيم وتنمية المجتمع، وفي العام 1953، أقامت الأمم المتحدة نوعا من التنسيق بين وكالاتها المتخصصة في موضوع تنمية المجتمع المحلي، وقد قدمت سكرتارية الأمم المتحدة تقريرا هاما للمجلس الاقتصادية والاجتماعية في عام 1955م، عن التقدم الاجتماعي الذي يمكن حدوثه من ممارسات تنمية المجتمع، وقد اتخذت قرارا باعتبار تنمية المجتمع المحلي وسيلة هامة للتقدم الاجتماعي في البلدان النامية. وقد استمر نشاط الأمم المتحدة في هذا المجال خلال عقد المؤتمرات وتقديم المساعدات أو الخبراء إلى الدول النامية حتى تثبيت فعالية هذا الأسلوب وأستقرت قواعده ([26]) في العام 1956 عرفت الأمم المتحدة تنمية المجتمع المحلي بأنها ([27]) : مجموعة المداخل والأساليب الفنية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية كوحدات للعمل، والتي تحاول أن تجمع بين المساعدات الخارجية وبين الجهود الذاتية المحلية للمنظمة بشكل يوجه محليا استثاره المبادأة والقيادة في المجتمع المحلي باعتبارها الأداء الرئيسية لإحداث التغيير.
       يرى محمد نبيل جامع إن تنمية المجتمع المحلي (عملية مصممة لإيجاد الظروف بتشجيع وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المحلي كافة، عن طريق الاشتراك الحيوي الفعال لسكان المجتمع، والاعتماد إلى أقصى حد ممكن على  البواعث الاجتماعية والمبادرة الاجتماعية والابتكار البناء لهؤلاء السكان ([28]). يحدد سعد الدين إبراهيم تنمية المجتمع بأنها هي انبثاق ونمو كل الإمكانيات والطاقات الكامنة في كيان معين وبشكل كامل وشامل ومتوازن، سواء كان هذا الكيان فردا أو جماعة أو مجتمع ويشتمل التعريف على العناصر التالية ([29]):
   ‌أ-   إن التنمية عملية داخلية ذاتية، بمعنى أن كل بذورها ومقوماتها الأصلية موجودة داخل الكيان نفسه، وإن عوامل أو قوى خارج هذا الكيان لا تعدو أن تكون عوامل مساعدة أو ثانوية.
  ‌ب-  إن التنمية عملية ديناميكية مستمرة أي أنها ليست ذات طريق أو اتجاه واحد محدد مسبقا، وإنما طرقها واتجاهاتها، باختلاف الكيانات وباختلاف وتنوع الإمكانيات الكامنة في داخل كل كيان وينضوي هذا التعريف على شرطين همها:
·       إزاحة كل التحدياتالتي تحول انبثاق الإمكانيات الذاتية الكامنة دخل كيان معين للفرد أو المجتمع.
·       توفير الترتيبات المؤسسية التي تساعد على نمو هذه الإمكانيات الإنسانية المنبثقة إلى أقصى حدودها.
من استعراض هذه الملامح فإنه يمكن استخلاص العناصر الأساسية لعملية تنمية المجتمع المحلي على مستوى القرية، وفي المجتمع الحضري على مستوى الحي بالمدينة.
1- إن المجتمع المحلي الذي يمكن أن يتخذ كوحدة للتنمية هو المجتمع الريفي على مستوى القرية، وفي المجتمع الحضري على مستوى الحي بالمدينة.
2- تهدف تنمية المجتمع إلى تغيير ظروف وأوضاع المجتمعات المحلية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية إلى الأفضل، على أن يتم هذا التعيير مبادرة من الأهالي ومشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة.
3- إن مشاركة المواطنين في مشروعات التنمية المحلية وخطواتها، هي فيصل نجاح أو فشل جهود التنمية ، لذا يجب أن تتاح لها كل فرص النجاح وتطبيق اللا مركزية كلما أمكن وإعطاء كل الضمانات للحرية والأمن والأمان.
4-  تهتم تنمية المجتمع المحلي بتنمية قدرات الطاقات البشرية، وذلك بتغيير أفكار المواطنين واتجاهاتهم ومساندة مشروعاتهم الذاتية. إذا عجزت الموارد المحلية بالمساعدات الفنية والمادية من جانب الحكومي لربط الخطط بالخطوط القومية وإيجاد التفاعل بين المجتمع المحلي والمجتمع القومي الأكبر.
5- إعداد واختبار أخصائي تنمية المجتمعات ليتولى القيادة المهنية لعملية التنمية، ويكون تدخله المهني سبيل لتحقيق شروط هذه العملية ومساعدة المجتمع على بلوغ أهدافه. ([30])
2/ خصائص تنمية المجتمعات المحلية:
تتمثل خصائص تنمية المجتمعات المحلية في الآتي: (2)
   ‌أ-   تهتم تنمية المجتمع المحلي بكل سكان المجتمع وليس بجماعة أو فئة للمجتمع في المشروعات والبرامج المجتمعية.
  ‌ب-  تركز تنمية المجتمع على كافة جوانب حياة المجتمع وعلى جميع احتياجات وليس على جانب معين منه أو تركيز على مشكلات بعينها فقط.
       ‌ج-      تقوم تنمية المجتمع على فلسفة الجهود الذاتية.
   ‌د-   تتطلب تنمية المجتمع ضرورة توافر المساعدات الفنية التي تكون في الغالب في شكل (عاملين – معدات – معونات مالية – استشارات فنية) وذلك من الجهات الحكومية والمنظمات الطوعية سواء داخل الدولة أو خارجها.
  ‌ه-  تتطلب تنمية المجتمع بالضرورة تعاون النظم المختلفة، ولذلك تتضمن محاولة كاملة لجعل الخدمات ذات فائدة، وذلك عن طريق معاونة التخصصات المختلفة في المجتمع (الزراعة والتعليم وتعليم الكبار والإدارة والصحة العامة …).
  ‌و-  تهتم تنمية المجتمع بكل من أهداف الأنجاز وهي التي تركز على التنسيق والانسجام للأعمال لمقابلة الاحتياجات المعينة أو كل مشكلات معينة، وأهداف العملية، وهي التي تهتم بمساعدة الناس على النمو بطرق معينة، تعمل على تقوية المشاركة والتوجيه الذاتي والتعاون.
  ‌ز-  تنمية المجتمع عملية تعليمية، لا تهتم بانجاز المشروعات التي يحتاج إليها فحسب، ولكنها تهتم بصورة أكبر بتعليم الناس خطوات انجاز المشروعات حتى يتمكن الاعتماد على أنفسهم دون مساعدة من الجهات المسئولة.
  ‌ح-  إن تنمية المجتمع تتم عن طريق تحديد فترة زمنية للعمل وهي لا تهتم بطريقة عشوائية فهي عملية أكثر منها برنامج.
  ‌ط-  يجب أن تقوم برامج تنمية المجتمع على اساس الاحتياجات التي يشعر ويرغب فيها سكان المجتمع وآمالهم ، ولا تفرض عليهم، فتنمية المجتمع تتمسك بمبدأ حق تقرير المصري، فهي أساسا تعتمد على الديمقراطية في فلسفتها، وتتمسك تنمية المجتمع المحلي بأفكار السكان وتقوم على إتاحة فرص الحرية للأفراد والجماعات، وتطبيق اللا مركزية ومشاركة المواطنين على أوسع نطاق. ([31])
3/ أهداف تنمية المجتمعات المحلية:
       يجب تحديد أهداف تنمية المجتمعات المحلية باعتباره من الأمور الهامة المخططة لتنمية المجتمع. وحتى تتحقق هذه الأهداف أو تحقق التنمية المجتمعية أغراضها، ترى الباحثة ضرورة الالتزام بمبادئ تنمية المجتمعات المحلية التي تعتمد عليها في تحريك وتحرير طاقات المواطنين في المجتمع لتحقيق الآمال المنشودة في حياة أفضل، وعلى أساس إشباع احتياجاتهم باعتمادهم على أنفسهم. ويؤمن معظم المشتغلين في حقل تنمية المجتمع المحلي بمبادئها باعتبارها بمثابة فروض أساسية قامت على اساس تجميع وتحليل الخبرات العملية المتراكمة على أساس المرجعية الزمنية (الخبرات السابقة) وعن طريق الممارسة العلمية، وبالرغم من الاتفاق على هذه المبادئ إلا أن أساليب تطبيقها تختلف من مجتمع محلي إلى آخر وبحسب خبرات ومهارات الممارسين والموارد والإمكانيات المتاحة ([32]) . يرى سيد أبو بكر إن المبدأ هو (قاعدة أساسية لها صفة العمومية، يمكن أن يصل إليها الإنسان عن طريق الخبرة والمعرفة والمنطق وباستعمال الطرق العملية كالتجريب والقياس)([33]). لتحقيق أكبر من استثمار وتنمية جهود المواطنين في المجتمع وتأكيد استمرارها، فهنا لابد من الالتزام بمبدأ التقبل والتوجيه الذي يعني تقبل أخصائي تنمية المجتمع المحلي الذي يعمل فيه وفقا لظروفه وخبرات وإمكاناته المحدودة وثقافته والقيم والمعايير.
4/ عناصر وإستراتيجيات تنمية المجتمع المحلي:
       يمكن تحديد عناصر تنمية المجتمع المحلي في ثلاثة عناصر وهذه العناصر مجتمعة تعتبر ضرورية ولازمة لتحقيق التنمية المحلية وهي:
أ/ التغيير البنائي أو البنياني ([34]):
       هذا النوع من التغيير استلزم ظهور أدوار وتنظيمات اجتماعية جديدة تختلف اختلافا نوعيا عن الأدوار والتنظيمات القائمة في المجتمع، ويقضي هذه النوع من التغيير حدوث تحول كبير في الظواهر والنظم والعلاقات السائدة في المجتمع، أي أنه التغيير الذي يحدث في بناء المجتمع، أي في حجمه وفي تركيب اجزائه وشكل تنظيمه الاجتماعي والتغيير البنائي هو الذي يرتبط بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية فمن الصعب أن تحدث التنمية في مجتمع متخلف اجتماعيا دون أن يتغير البناء الاجتماعي لذلك المجتمع، وعلى ذلك أن التغيير البنائي واحد من مجموعة عناصر أساسية لازمة للتنمية، بدونه لا يتسنى للبلاد النامية أن تتخلص من المشكلات الاجتماعية التي ترسبت عبر السنين والتي أصبحت تمثل تحديات أمام حكومات هذه البلاد.
ب/ الدفعة القوية:
       لخروج المجتمعات النامية من المستويات المتخلفة فيها، فلابد من حدوث دفعة قوية أو مجموعة من الدفعات القوية يتسنى بمقتضاها الخروج من حالة الركود، وهذه الدفعة أو الدفعات القوية لازمة لإحداث تغييرات كيفية في المجتمع ولإحداث التقدم في أسرع وقت ممكن، تعتبر حكومات الدول النامية هي المسئولة عن إحداث الدفعة القوية، فهي التي تملك إمكانيات التغيير وهي المسئولة عن ضمان حد أدنى لمستويات المعيشة للأفراد. من الضرورة إيحاد نوع من التوازن والتكامل بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي والأهلي والحكومي بحيث تكون الخطط متكاملة في وظيفتها متوازنة في أهدافها ومتفاعلة نحو تحقيق هدف مشترك ([35]).
ج/ الإستراتيجيات الملائمة:
       يقصد بها الإطار العام أو الخطط العريضة التي ترسمها السياسة التنموية في الانتقال من حالة التخلف إلى حالة النمو الذاتي وتختلف الإستراتيجية عن التكتيك الذي يعني الاستخدام الصحيح للوسائل المتاحة لتحقيق الهدف ([36])، ولكي يتم استخدام هذه الوسائل استخداما صحيحا لابد وأن تكون هذه الوسائل موزعة وفقا لخطة جيدة الإعداد من شأنها أن يتمكن واضع التكيتك من أن يستغل جميع الأدوات التي تحت تصرفه استغلالا حسنا، حيث يشكل ذلك أثرا ضروريا في تنمية المجتمع المحلي.
اعتبارات اختيار الإستراتيجية:
أ/ طبيعة الظروف عند بدء التنمية:       من حيث درجة التخلف ، نوع الاستعمار الذي كان يحتل البلد، الفترة الزمنية التي مرت منذ حصول الدولة على الاستقلال ونوع الحكم السائد في البلد بعد تحريره، ودرجة الاستقرار السياسي ونوعية الإدارة وشكل الجهاز الحكومي.
ب/ طبيعة النظام الاقتصادي ونوعية التركيب الطبقي:   وحجم المناطق الريفية والحضرية، وتركيب المجتمع من حيث السكان ومستويات التعليم والصحة والقيم السائدة في المجتمع.
ج/ طبيعة الأهداف المنشودة: هنالك أهداف بعيدة يراد الوصول إليها في المدى البعيد، وأهداف مرحلية يراد الوصول إليها في المدى القريب ([37]).
استخدام مفهوم إستراتيجية تنمية المجتمع للدلالة على نوع السلوك والتنظيمات التي توجه لها عمليات التغيير وتحديد أسلوب التدخل لإحداث ذلك التغيير ([38]). كلمة الإستراتيجية هي كلمة حديثة الاستخدام ومستعارة أساسا عن علوم الحرب والسياسة، وكانت تعني (فن استخدام القوات المسلحة لتحقيق الأهداف التي تحددها السياسة). وهي تعني في مفهومها الاقتصادي (نمط توزيع الاستثمارات والموارد التي تحقق عملية التنمية) ([39]). يستخدم مفهوم الاستراتيجية في مفهومها التنموي للدلالة على القواعد العامة التي تحكم رسم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووسائل تنفيذها ، وهي ترتبط أساسا بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي العام للدولة، كما ترتبط بشكل توزيع الأنشطة في إطار الموارد المتاحة([40]). إن هذه التعريفات للإستراتيجية تؤكد على إن الإستراتيجية تتضمن مجموعة من المسلمات الأساسية التي توضح وجهة النظر الهامة التي يمثلها ، كذا تفاصيل العمل بها والتي تعرف بالتكتيكات ، والتكتيك هو الأسلوب المتبع لوضع الإستراتيجية.(5) يمكن تنصيف الإستراتيجية إلى :
أ/ إستراتيجية المحافظة على الوضع القائم: تقوم على أساس إن النظام الحالي لتقديم الخدمات هو أفضل ما يمكن القيام به في حدود الواقع كما يدركه متخذي القرارات والذين يمثلون صفوة المجتمع في الغالب، ولذلك فإن الجهد الأساسي ينصب في هذه الإستراتيجية على زيادة كفاءة البرامج القائمة وتوسيع نطاقها وهذه بمثابة أهداف تدعيمه (5).
ب/ إستراتيجية إعادة صياغة المعايير التربوية:
       تقوم هذه الإستراتيجية على أساس الفروض التي تدور حول الدافعية عند الإنسان وهي تؤكد على أن أهم ما يحرك الإنسان في سلوك وممارسته هو القيم ومجموعة المعاني والتصورات التي يكتسبها الفرد من ثقافته من خلال مختلف عمليات التنشئة الاجتماعية ، ولذا فإن التغيير لا يتم وفقا لتزويد الجماهير بالمعلومات والتبريرات العقلية فحسب ولكن يجب أن يعتمد أساسا على مجموعة من البرامج القادرة على تغيير القيم وعلى الارتباط بمعايير جديدة للسلوك وتغيير الأدوار والمراكز والعلاقات الاجتماعية التقليدية([41]).
       بوجه عام يمكن القول بأن الهدف البعيد لهذه الإستراتيجيات يتمثل في تنمية قدرة أهالي المجتمع المحلي على حل مشكلاتهم وهذا ما نحاول الوصول الية في منطقة دلقو.
ج/ إستراتيجية العملية الرشيدة:
       تقوم هذه الإستراتيجية على أساس بعض المسلمات التي ترى أن أهم ما يسير الناس في حياتهم اليوميه مصالحهم الذاتية، ولذا تقوم خطط التغيير المخطط على أساس عمليات تبصر الناس بالمفاهيم والأفكار والممارسات القادرة على تحقيق مصالحهم الذاتية باستخدام الأسلوب العقلي في الإقناع والشرح. وتتضمن تكتيكات هذه الإستراتيجيات حفز الجماهير على تولي زمام المبادأة والسيطرة على شئون مجتمعهم المحلي والتخطيط لتغييره من خلال اللجان والمجالس المحلية، ويؤكد على أن تجارب التنمية تشير إلى مقاومة الأهالي للتجديدات التي تفرض عليهم من الخارج بدعوى عدم مناسبتها للبيئة المحلية، وإن هذه المقاومة تقل إذا ما شارك الأهالي من خلال قادتهم في اتخاذ قرارات التغيير داخل التنظيمات المختلفة ([42]) .
د/ إستراتيجيات القوة:
       تقوم هذه الإستراتيجية على استخدام الضغط سواء في شكله السياسي أو الإداري أو الاقتصادي، وذلك بإصدار القوانين والتشريعات الملزمة في مجالات التغيير المخطط مثل المجالات التربوية أو الصحية أو العمرانية أو الزراعية، ويقصد هذه باستخدام القوة هو استخدام السلطة المشروعة القادرة على إصدار التشريعات والقوانين الملزمة والتي من شأنها القيام بإجراء جزاءات سياسية واقتصادية في استحداث التجديدات المتضمنة في برامج التغيير المخطط ([43]) .
هـ/ إستراتيجيات المواجهة:
       تسعى هذه الإستراتيجيات الي تغيير المؤسسات القائمة على اعتبار أنها تشكل السبب في إحداث المشكلات الاجتماعية في المجتمع المحلي. على أن يتم وكل في حدود النظام القائم أي دون المساس بالنظام الأساسي في المجتمع.
و/ إستراتيجية الصراع:
       تسعى هذه الإستراتيجية على إحداث تغيير جذري في التنظيمات والسياسات القائمة وتعديل النظم السائدة في المجتمع، كما يشكل في بناء القوة في المجتمع. أي تغيير النظام الأساسي في المجتمع.
ز/ إستراتيجية الإقناع:
       تقوم هذه الإستراتيجية إلى التعامل الهادف أو التعامل القائم على إحداث تدعيم في العلاقات وتماسك بين أفراد المجتمع. ([44])












([1])  عبد الوهاب إبراهيم، أسس البحث العلمي، ط1، مكتبة الشروق، القاهرة، 1985م، ص 75.
([2])  محمد علي محمد، علم الاجتماع والمنهج العلمي، دراسة في طرائق البحث وأساليبه، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1988، ص 94.
([3])  التعريف الإجرائي: هو توجيه الباحث نحو ما ينبغي عليه بحثه في الواقع وتحديد أنشطته في قياس المتغيرات أو في معالجته لها، أي يتم العمل في التعريف الإجرائي من خلاله. أنظر إلى : محمد صفوح الأجرس، العلوم الاجتماعية – طبيعتها – ميادينها – طرائق بحثها، دار الفكر ، بيروت، 1972م، ص 28.
([4])  إبن منظور، معجم لسان العرب، الجزء 20، بيروت ،1971 ، ص 215، 218
([5])  سعد طه العلام، مرجع سابق، ص 25.
([6])  محمد الجوهري ، مقدمة علم الاجتماع والتنمية،دار المعارف، القاهرة 1975م، ص 27 .
([7])  كمال النابعي ، الاتجاهات المعاصرة في دراسة القيم والتنمية، دار المعارف، ط1، 1985م، ص 47.
([8])  محمد الجوهري، مرجع سابق، ص 21.
([9])  حسن إبراهيم عيد، دراسات في التنمية والتخطيط الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية الاسكندرية الأزايطة، 1990م، ص 42
([10])  ديفيد هاريسون، علم الاجتماع التنمية والتحديث، ترجمة محمد عيسى برهوم،ط1،1998م، ص 18 .
([11])  سعد طه علام :"كناب :التنمية والمجتمع، ط1،  مكتبة مدبولي، القاهرة، 2006م، ص 25، 26.
([12])  سعد طه علام مرجع سابق ص 73، 74.
([13])  عدنان بهية، الإعلام والتنمية، مقالة من موقع، www.almadapaper.net/sub
(3) نبيل السملوطي ، قضايا التنمية والتحديث في علم الاجتماع المعاصر ، دار المطبوعات الجديدة ، القاهرة 1990م ،ص 22 - 25
(2) محمد ياسر الخواجة ، علم إجتماع التنمية والمفاهيم والقضايا، دار الفكر العربي ، القاهرة ،2014م ، ص 13 - 14
(3) في حالة التحول من مجتمع راسمالي إلى مجتمع إشتراكي مثلاً
(4) حسن إبراهيم عبد، دراسات في التنمية والتخطيط دار المعرفة الجامعية، الأزاريطة، الاسكندرية 1990م، ص 54، 56 .
(5) محمود أحمد الشافعي، العلاقة بين أجهزة التخطيط في الدولة، معهد التخطيط القومي، مركز رقم 441، مايو 1964م.
([14])  احمد المرشدي:" التخطيط . ماهو . كيف ..لماذا "، مقال بمجلة الطلبة، رقم 6،يونيو، 1965م، ص 16، 25.
([15])  حسن ابراهيم عيد، مرجع سابق، ص 6.
([16])  محمد محمود بركات،"التنمية كمدخل لعلاج التخلف "، جامعة عين شمس،القاهرة 2001م، ص 13.
([17])  صبري حسن هارون عبد الله ، مقومات ومعوقات التنمية في المجتمعات الريفية، بحث تكميلي غير منشور مقدم لنيل درجة الماجستير في تنمية المجتمع، جامعة النيلين، 2006م.
([18])  محمد عبد الفتاح محمد، الاتجاهات التنموية الحديثة في ممارسة الخدمة الاجتماعية ، المكتب الجامعي الحديث الاسكندرية ، 2002م ، ص 98 ، 99  
([19])  محمد عبد الفتاح محمد، مرجع سابق ، ص 100  
([20])  محمد انور محروس، دراسات وقضايا في علم الاجتماع ، المكتبة المصرية ،2004م ، ص 74  
 ([21]) يسري دعبس ، المحميات الاجتماعية والتنمية المتواصلة، البيطاش سنتر للنشر والتوزيع ، الاسكندرية 2005م ، ص 73
(1) يسري دعبس ،مرجع سابق ، ص 74  - 75
(2) محمد عاطف وغيث وغريب محمد سيد أحمد،"علم الاجتماع الحضري، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية 1989، ص 101
([22]) يسري دعبس ، مرجع سابق ، ص 73   
([23])  حسن إبراهيم، مرجع سابق، ص 61، 75 .
(1) حسن إبراهيم ، مرجع سابق ، ص 56 - 66
([24])  محمد مبارك حجير، التخطيط الاقتصادي، معهد الدراسات العربية العالمية، جامعة الدول العربية، القاهرة،64، 1965م، ص 60
([25])  محمد عبد الفتاح عبد الله ، مرجع سابق، ص 17.
([26])  محي الدين صابر، الحكم المحلي وتنمية المجتمع، مرجع سابق، ص 145.
([27])  محمد عبد الفتاح عبد الله، مرجع سابق، ص 19.
([28])  محمد بهجت جاد الله كشك، تنظيم المجتمع من المساعدة إلى الدفاع،  المكتبة الجامعية، الإسكندرية ، 2003م، ص 248.
([29])  سعد الدين إبراهيم، نحو نظرية سيوسولوجية للتنمية في العالم الثالث في استراتيجية التنمية في مصر، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1977، ص 67.
([30])  محمد عبد الفتاح، مرجع سابق، ص 39-40.
(2) المرجع السابق، ص 43-45
([31])  المرجع السابق، ص 44-45.
([32])  محمد عبد الفتاح ، مرجع سابق، ص 26.
([33])  سيد أبو بكر حسنين، طريقة الخدمة في تنظيم المجتمع، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، د.ت، ص 288.
([34])  عبد الباسط محمد حسن، التنمية الاجتماعية، المطبعة العالمية، القاهرة، 1970م، ص 111.
([35])  عبد الباسط محمد حسن، المرجع السابق، ص 111.
([36])  أحمد مصطفى خاطر، تنمية المجتمع المحلي، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 200م، ص 51-52.
([37])  عبد الباسط محمد حسن، مرجع سابق، ص 123.
([38])  نبيل محمد توفيق السمالوطي، علم اجتماع التنمية، دراسة في اجتماعيات العالم الثالث، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الإسكندرية، 1974م، ص 190.
([39])  أحمد كمال وآخرون، مرجع سابق، ص 83.
([40])  محمد عبد الفتاح، مرجع سابق، ص 41.
(5) المرجع السابق ، ص 39
(5) نبيل توفيق السمالطوي، مرجع سابق، ص 217.
([41])  محمد عبد الفتاح، مرجع سابق، ص 39-40.
([42])  المرجع السابق، ص 56.
([43])  نبيل توفيق السمالوطي، مرجع سابق، ص 218.
([44])  رشاد أحمد عبد اللطيف، نماذج ومهارات طريقة تنظيم المجتمع في الخدمة الاجتماعية (مدخل متكامل)، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ب.ت، ص 301-306.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق