المبحث الثاني
النظريات التي
تناولت موضوع البحث
تمهيد :
اهتم الفكر الإنساني بمختلف تخصصاته بإنسان
الريف والحضر على حد سواء، وقد كان لذلك أثره بخروج فرع من فروع علم الاجتماع يهتم
بالدراسات والمجتمعات المحلية الريفية، محاولاً تحليلها ودراستها لمعرفة كيفية
واتجاهات تطورها والعوامل التي تؤدي إلى تغييرها بهدف إيحاد نظريات عامة يمكن
تطبيقها لتفسير العمليات الاجتماعية والتغييرات التي تحبصها.
وأهم تلك النظريات
هي النظرية التفاعلية الرمزية.
التفاعلية الرمزية: نشأ
الفكر التفاعلي وترعرع في الولايات المتحدة الأمريكية على إثر ازدياد مشاكل
مجتمعها كالهجرة والجريمة وجنوح الأحداث والطلاق، فظهرت حاجة عند العلوم
الإجتماعية إلى بلورة فكر ومنهج جديد يساعدها على حل مثل هذه المشاكل الإجتماعية،
ولما كان الفكر البرجماتي يتصف بتقديم حلول اجتماعية للمشاكل التي يمارسها الناس
تبنته العلوم الإجتماعية.
ينصب تركيز هذا الفكر على عملية التفاعل
والاتصال بين الناس ويعتبر اللغة أساساً حيوياً وواسطة مهمة للتفاعل والاتصال
البشري ويستخدم الرموز والنفس البشرية والأنا والذات والعقل البشري كأدوات علمية
أو ركائز تنظيرية للاعتماد عليها في دراسته للسلوك الإنساني وحل المشاكل
الإجتماعية التي يواجهها المجتمع.
الرموز: يرى هذا الفكر أن
الفرد يعيش في عالم من الرموز والمعاني المحيطة به في كل موقف وتفاعل اجتماعي
يتأثر بها ويستخدمها يومياً وباستمرار ولكنه لا يهتم أو يعير أهمية كبيرة أو بالغة
إلى الرموز والمعاني التي تحيط به والتي لا يستخدمها يومياً وباستمرار، أما
استخدامه لها فيكون من خلال معانيها للتعبير عن حاجاته الإجتماعية ورغباته
الفردية، أما ماذا يعني الرمز في نظرة هذا الفكر، فهو عبارة عن إشارة مميزة
للدلالة على موضوع معين مادي أو معنوي، ويكون لكل رمز معنى يحدد من قبل المجتمع
ويشير إلى وظيفة اجتماعية تشبع حاجة الفرد وتساعده على التفاعل مع بقية أفراد
المجتمع، وتتجلي أهمية الرموز عند استخدامها من قبل أفراد المجتمع على صعيد
الممارسة اليومية في الحياة الإجتماعية، فمعاني الرموز ما هي إلا نتائج اجتماعية
مخلوقة من قبله لتحديد أنماط سلوك أفراده وتوضيح عملية تفاعلهم وهي مكتسبة، أي أن
الفرد يتعلمها من قبل الآخرين المحيطين به بشكل شعوري أو لا شعوري كاستخدام اللغة
أو تحريك الرأس من اليمين إلى اليسار للدلالة على الرفض أو مصافحة اليدين للإشارة
إلى الاحترام والمودة، أو خاتم الخطوبة للدلالة على المرحلة الأولى من مراحل
الارتباط الزواجي وهكذا. هذه رموز متضمنة معاني متفق عليها من قبل أفراد المجتمع
تعمل على تماثلهم في نمط سلوكي معين يستخدمونها عندما يريدون التعبير عن مضامينها،
وهذا يحدث عادة في المجتمعات ذات التضامن الآلي كمجتمع دلقو المحلي ذى الطابع
الريفي، حيث يسود التماسك الإجتماعي والحكم بالعرف وتلعب العادات والتقاليد دوراً
كبيراً في حياة الناس المعيشية، والنفس البشرية تنشأ خارج عملية الوراثة أي أنها
تنشأ داخل المجتمع من عدة مصادر، الخبرات الإجتماعية عند الفرد التي مر بها وعاشها
وتفاعل معها واكتسبها من بيئته الإجتماعية، والمصدر الثاني للنفس هو درجة تفاعل
الفرد مع الآخرين المحيطين به، فالفرد في المجتمع المحلي بدلقو يعيش داخل مجموعة
من الرموز والمعاني المحيطة به ويتفاعل معها ويستجيب إلى اتجاهات الجماعة
الإجتماعية التي ينتمي إليها، الفرد، واسم الفرد ودوره الإجتماعي داخل المجتمع،
ودرجة تجانس فئات المجتمع، ونوع الأفراد الذين يتفاعل معهم الفرد وكيف ينظرون
إليه، فإذا كانت نظرتهم ذات احترام وتقدير جيد ويثقون به فإن ذلك يعمل على تكوين
نفسية سوية عنده والعكس صحيح، وتفاعل الأفراد في حالات اجتماعية رسمية وغير رسمية،
واستخدام الرموز والإشارات تؤثر على عملية التفاعل الاجتماعي بين الأفراد، فهي
تساعد الفرد على الاتصال بالآخرين والتعامل معهم وتصور أحجامهم وملاحظاتهم عليه،(1) وتساعده أيضاً على
تكيفه، ونستنتج من هذا أن الرموز مصاغة من قبل المجتمع الذي سبق ظهور سلوك الفرد
وتفاعله مع الآخرين، أي هذا الفكر يدرس الظواهر السلوكية للفرد من أجل الوصول إلى
ظواهر اجتماعية عامة.
هذا الفكر التفاعلي الرمزي ينطبق تماماً مع
مجتمع دلقو المحلي في إستخدام الرموز والمعاني واللغة فهو مجتمع متجانس في
التقاليد والقيم واللغة النوبية التي هي لغة التخاطب في المرتبة الأولى ثم العربية
في المرتبة الثانية، والعادات والتقاليد والخبرات الشخصية والعرفية فهي تشكل شخصية
الفرد داخل المجتمع المحلي. ([2])
نظريات
التنمية :
1/
نظرية التبعية : هـي نظرية من مجال العلوم الاجتماعية، مفادها أن الفقر وعدم الإستقرار السياسي
والتخلف في دول الجنوب يعود سببها إلى المسار التاريخي الذي رسمته لها دول الشمال،
غير أن إستحالة النمو قد دحضه الاقلاع الاقتصادي الذي حققته النمـور الأسيوية([3])،
في الستينات والصين والهند في الثمانيات، وهو ماكان سقوط لهذه النظرية.
تقوم هذه النظرية على أن الدول الأغنى في حاجة
للدول الأفقر حتى تستمر هي في النمو، ظهرت هذه النظرية في الخمسينات، وهي مناقضة لنظرية
التحديث أو التصنيع التي تدعي بأن البلدان هي في طور أدنى من النمو أو أن هذه البلدان
لم تندمج في الاقتصاد الشامل أما بالنسبة لنظرية التبعية فإن هذه البلدان مندمجة غير
أنها هيكلياً في حالة تبعية مستمرة حيث أنها ممنوعة مثلاً من الإنتاج الوطني للمنتوجات
بما يجعلها مجبرة على إشترائها من الشركات الاستعمارية بالنسبة "لأندري غونزر
فرانك"، فإن تبعية دول الجنوب تفسر تاريخياً بالاستعمار وبالتبادل التجاري غير
المتكافئ، أما بالنسبة للإقتصادي الأجنبي "راؤول بربيش" فإن ثراء البلدان
الغنية متناسب علمياً مع ثراء الدول الفقيرة وبالنسبة لأهم رواد هذه النظرية هم: ([4])
-
اندري غونزر فرانك Andre Gunder
Fronk
-
سيرجو باغو Sergio Bagu
-
فرنادو هنري كاردوز Fernando
Henrigue Cardos
إختلفت الرؤية لمقومات التنمية بإختلاف النموذجين اللذين
يمكن أن نضف بهما نظريات التنمية وهي :
2/
نظرية التنمية "التحديث" : Modernilzation " "وهي التي ترى أن غياب التنمية في المجتمعات
الريفية يرجع لأسباب داخلية خاصة بتلك المجتمعات، حيث أن الصفات والخصائص الاجتماعية
والاقتصادية والدينية والثقافية والسياسية لتك المجتمعات لا تساعد على إحداث التنمية
بل تمثل عائقاً أساسيا لذلك .
نظرية التحديث : ترى
أنه يمكن تحقيق التنمية من خلال إتباع عمليات التنمية التي تم إستخدامها من قبل الدول
المتقدمة حالياً، أهم روادها : "والت روستو – صمويل هنتنغون " .
ونظرية التبعية
على النقيض من نظرية التحديثية، فهي ترى أن أسباب عدم التنمية في المجتمعات المتخلفة
يرجع لأسباب خارج بتلك المجتمعات، بحيث أن عمليتي التنمية والتخلف وجهان لعملة واحدة
ويحدثان في نفس الوقت حيث إحداث تنمية في بعض المجتمعات ينتج عنه إحداث تخلف في مجتمعات
أخرى من عدم إحداث تنمية وإفقارها. ([5])
ونظرية التفاعل
تفسر من خلال دوافع المشاركة في عمليات التنمية .
3/
نظرية التفاعل الاجتماعي :"Theory
Of social Interaction" من أهم روادها "ماكس فيبر"، تفسر دوافع
المشاركة في عمليات التنمية في ضوء الرغبة
في الدخول في علاقات مع آخرين لإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للمشاركة، والتفاعل
الاجتماعي هو عدة منبهات اجتماعي متفاعلة تقدمها البيئة الاجتماعية لأبنائها، وتؤدي
هذه المنبهات إلى إستثارة إستجابات اجتماعية لدى المشاركين في هذا الموقف، ولعل من
أهم خصائصه أن تفاعل الجماعة مع بعضها البعض يعطيها حجم أكبر من تفاعل الأعضاء وحدهم
دون الجماعة([6])
.
نظريات التنمية الاقتصادية :
1/ نظرية الدفعة القوية والنمو المتوازن([7]):تنسب نظرية الدفعة القوية إلى "بول روزنشتين روان" كما تنسب نظرية
النمو المتوازن إلى راجنز نوركسيه وترجع النظريتين مما إلى ما يجمعها من تشابه بحيث
يمكن إعتبار الثانية إمتداد وتطور طبيعي للأولى، وتقوم فكرة الدفعة القوية على ضرورة
تكريس حد أدنى من الموارد لعملية التنمية الاقتصادية أذا أريد أن يكون لها نصيب من
نجاح، وتقف على نقيض من منهج التدرج في النمو فهي لا تؤمن بالتقدم البطيء، وعلى جرعات
صغيرة لعدم فعاليته، وإنما تستهدف إحداث دفعة قوية أو سلسلة من الدفعات القوية تنطلق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق